الإشاعات.. خطر على المجتمعات

حذر الاسلام من إطلاق الاشاعات.. ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن: قيل وقال. أي: الذي يكثر من الحديث عما يقول الناس من غير تَثبُّت، ولا تَدبُّر، ولا تبَيُّن. والإنسان لا يخسر بالسكوت شيئاً، كما يخسر حين يخوض في ما لا يحسنه، أو يتدخل في ما لا يعنيه، والسلامة لا يعدلها شيء

قال صلى الله عليه وسلم: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت

من أخطر صور الكذب إطلاق الاشاعات: وهذا النوع من الكذب يستخدمه الاعداء لتدمير الشعوب، ويسمونه بأسماء كثيرة، منها: حرب الأعصاب، والحرب النفسية. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في شأن مروجي الإشاعات: «كَفَى بِالْمَرْءِ كَذِبًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ». لذلك كان ترديد ونشر الاشاعات بين الناس محرما شرعا، ولا يجوز بأي حال من الأحوال، لأنه يضر بالمجتمعات، ومصالح الامة، ولذلك حض الإسلام أتباعه على أن يستبينوا ويتثبتوا من صدق أي معلومة قد تأتيهم حتى لا ينساقوا خلفها، بما قد يضرهم ولا ينفعهم، حيث قال تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ» ومن يفعل ذلك ينطبق عليه قول المولى عز وجل: «إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون». والمسلم يجب ان يكون بعيداً عن الكذب والأراجيف والظنون السيئة، قال تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ». ذلك أن الكذب حين يروج بين العامة، ويذاع في المجتمع يتفاقم ضرره، ويتعاظم خطره، ويهلك بسببه كثير من الخلق، ولهذا كان عقاب صاحبه أليماً، وعاقبته خساراً وبواراً عظيما

المرجفون

من الاشاعات الخطيرة التي تكثر أوقات الأزمات والفتن: اشاعات الإرجاف والتخويف، التي يراد بها توهين عزائم الناس، وتثبيط هممهم، والفت في أعضادهم، والإرجاف بهم، وبث الرعب في نفوسهم، قال تعالى: «لَئِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا * مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا»
والمرجفون: هم الذين ينشرون الاشاعات الكاذبة، أو يبالغون في تعظيم قوة الأعداء وقدراتهم، من أجل تخذيل الناس وتخويفهم من أعدائهم. ويجب على المرء إذا بلغه أمر: عدم إشاعته؛ لأنه من الكذب. فلا يشيع خبراً، ولا يسيء ظناً، ولا يهتك عرضاً، ولا يصدق فاسقاً. ويطلب البرهان والتثبت. وفي الحديث: «التأني من الله والعجلة من الشيطان» و«التؤدة في كل شيء خير إلا في عمل الآخرة». رواه أبو داود. ومن أشد الأحاديث تحذيراً من إطلاق الاشاعات حديث الرؤيا، فإن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلين، رجلا قائما على رأس رجل، وعند القائم كلوب مِنْ حَدِيدٍ، وكان يدخل الْكَلُّوبَ فِي شِدْقِهِ حَتَّى يَبْلُغَ قَفَاهُ، ثُمَّ يَفْعَلُ بِشِدْقِهِ الْآخَرِ مِثْلَ ذَلِكَ، وَيَلْتَئِمُ شِدْقُهُ هَذَا فَيَعُودُ فَيَصْنَعُ مِثْلَهُ. فقيل للنبي صلى الله عليه وسلم لما سأل عن ذلك: «هذا ــ الذي يُعذب ــ يُحَدِّثُ بِالْكَذْبَةِ فَتُحْمَلُ عَنْهُ حَتَّى تَبْلُغَ الْآفَاقَ»